استهدف جيش الاحتلال التركي قرية سموقة، الواقعة في مقاطعة عفرين والشهباء، وذلك بالتزامن مع إعلان المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، أن المقاتل في صفوفها، صالح هيثم خليل الاسم الحركي (كوران عامودا) تعرض إلى استهداف طائرة مسيرة للاحتلال التركي أدت إلى استشهاده، وهو فصل من مشهد يومي تتعرض له مناطق شمال وشرق سوريا على يد الهجمات التركية.
منذ مطلع عام 2024، عمد الجيش التركي إلى قصف مناطق شمال شرق سوريا 345 مرة -على الأقل- ما أسفر عن مقتل 11 مدني، بينهم طفل، وإصابة 51 آخرين، بينهم 7 أطفال و6 نساء، فضلاً عن تدمير متعمد لعشرات المرافق الحيوية، والمراكز الصحية، ومحطات تحويل الكهرباء، وحقول النفط والغاز، حارمةً سكان المنطقة من الكهرباء والمياه والغاز لأشهر.
يقول بوزان كرعو المحلل السياسي الكردي المقيم في السويد في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء، إن العمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال التركي ضد الإدارة الذاتية في شمال سوريا تعكس مجموعة من الأبعاد السياسية والعسكرية، أولها أن تركيا تعتبر أن أي إدارة كردية على حدودها خطراً يشكل عليها و لا يمكن القبول بها وقد صرح الرئيس التركي بشكل مباشر عن ذلك بالقول "إن الخطأ الذي وقعنا به في شمال العراق في التسعينات لا نسمح بتكراره على حدودنا الجنوبية".
وأضاف، أن هناك أسباب أخرى تهدف لها تلك الهجمات التركية، حيث تسعى تركيا إلى توسيع نفوذها الإقليمي والسيطرة على المناطق الحدودية لضمان أمنها القومي ومنع تشكيل كيان كردي قوي، كما أنها من خلال العمليات العسكرية ، تحاول تركيا الضغط على القوات الأمريكية والروسية لتقليل دعمهم للإدارة الذاتية.
وأشار "كرعو"، إلى أن الفوضى المستمرة في سوريا تساهم في تحقيق الأهداف التركية من خلال خلق حالة من عدم الاستقرار تتيح لها التحرك بحرية.
وأوضح المحلل السياسي الكردي، أن انقرة تريد الوصول لعدد من الأهداف منها تدمير البنية التحتية للإدارة الذاتية، تستهدف العمليات العسكرية إلى تدمير القدرات العسكرية واللوجستية للإدارة الذاتية ، مما يضعفها على المدى الطويل، و تسعى تركيا إلى إعادة توطين اللاجئين السوريين في المناطق التي تسيطر عليها ، مما يساهم في تغيير التركيبة السكانية في المنطقة، ومن خلال تقديم نفسها كلاعب رئيسي على الساحة السورية، تحاول تركيا تعزيز موقفها في الساحة الدولية.
الصمت الدولي
تواجه الهجمات التركية على شمال شرق سوريا بصمت دولي من واشنطن وموسكو، وهي الدول الضامنة في تفاهمات عام 2019، رغم وجود قوات التحالف الدولي في مناطق الإدارة الذاتية لملاحقة فلول تنظيم داعش.
ويقول سيهانوك ديبو مدير مكتب العلاقات العامة في حزب الاتحاد الديمقراطي في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء(ANF)، إن الدول الضامنة من المفترض أن تتحلى بمزيد من الالتزام إزاء التفاهمات التي حصلت بينهما وتركيا ٢٠١٩، كما إن قوات سورية الديمقراطية ملتزمة بالاتفاقات السابقة.
وأضاف، أن عدم ممارسة الضغط الكاف على تركيا يعني بأن المنطقة برمتها تزداد خطورة فوق كل ما يحدث بالاساس، وان سوريا من سيادة ومكونات ومقدرات تصبح في عين العاصفة والحل السياسي سوف يتم اقصاءه.
تداعيات الهجمات التركية
استهدفت الهجمات التركية أرواح المدنيين في شمال شرق سوريا بشكل رئيسي، لأنه خلال النصف الأول من عام 2024، حيث أودت 243 حالة قصف، بحياة 10 مدنيين، وأسفرت عن إصابة 25 آخرين، ووثقت 102 غارة جوية بواسطة طائرات حربية ومسيّرة، قُتل خلالها طفل، وأُصيب 26 آخرون، بينهم 7 أطفال و6 نساء.
حتى كانون الثاني/يناير 2024، شنّت تركيا ثلاث هجمات عنيفة بالطائرات الحربية والمسيّرة، تضمنت أكثر من 200 غارة جوية على أكثر من 150 موقع مختلف، بما في ذلك البنى التحتية والمرافق الحيوية، كمحطات الكهرباء، وحقول النفط والغاز، بالإضافة إلى المصانع والشركات الصغيرة.
وتعمد الاحتلال التركي الاعتماد على طريقة الضربات الجوية المزدوجة والمتتالية، عبر قيامها بتكرار استهداف نفس الموقع أكثر من مرة، لإحداث دمار إضافي بجانب استهداف مدنيين حاولوا إسعاف الضحايا.
وأشار ديبو، إلى أن تركيا تزيد هجماتها وتهديدها كونها تعلم بأن الحل الامثل للازمة السورية لن يكون إلا عن طريق الحوار الوطني الذي يفضي إلى حل الإدارة الذاتية.
ويتفق معه "كرعو"، حيث يرى أن العمليات العسكرية تؤدي إلى تصعيد التوترات بين تركيا والإدارة الذاتية، مما يزيد من خطر المواجهة المباشرة، كما يؤدي القصف والعمليات العسكرية إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وزيادة عدد النازحين واللاجئين.
ويؤكد المحلل السياسي الكردي، أن العمليات العسكرية قد تؤثر على التحالفات بين القوى المختلفة في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تغيرات في الديناميات السياسية، وتعكس العمليات العسكرية التركية استراتيجية معقدة تهدف إلى تحقيق مصالحها الأمنية والسياسية، بينما تواجه مقاومة من قوى محلية ودولية.